علاوة على ذلك، تقع الكهرباء في صميم العيش بكرامة في حياتنا المعاصرة، وبالتالي فإنّ نقص الكهرباء له تأثير خطير على الحق في مستوى معيشي لائق، والحق في التعليم والصحة وكسب العيش. خلُصت هيومن رايتس ووتش إلى أنّ لكلّ شخص الحق في الحصول على كهرباء ميسورة التكلفة ومتاحة وموثوقة ونظيفة كجزء من الحق في مستوى معيشي لائق، وأنّه يتعيّن على لبنان الاعتراف بهذا الحق كحق قائم في حد ذاته من حقوق الإنسان. سألنا الناس عما إذا كان نقص الكهرباء قد أثر على قدرة أسرهم على حفظ الطعام مبردا أو مجمدا، والحصول على كمية كافية من الماء، أو الحفاظ على درجة حرارة معقولة وآمنة في منازلهم، أو طهي الطعام وتسخينه، أو المشاركة في الأنشطة المتعلقة بالتعليم أو العمل، أو الوصول إلى منازلهم. أكثر من 80% من الأسر قالت إنّ واحدا أو أكثر من هذه الأنشطة السبعة تأثر بنقص الكهرباء وقالت ربع الأسر أن أربعة أو أكثر من هذه الأنشطة تأثرت بذلك. قالت ثلث الأسر إنّ نقص الكهرباء أثر على قدرتها على طهي الطعام وتسخينه، في كثير من الأحيان بشكل يومي. قالت أكثر من ثلث الأسر التي لديها أطفال إنها واجهت صعوبة في دفع تكاليف الوجبات الغذائية المدرسية، ويُعزى ذلك بدرجة كبيرة إلى التكلفة العالية للكهرباء التي تستنزف معظم الدخل.
بالإضافة إلى الحرمان غير المتناسب للأسر ذات الدخل المنخفض من التمتع بحقها في الكهرباء، فإنّ اعتماد نظام الكهرباء اللبناني على محطات تعمل بزيت الوقود الثقيل وعلى مولدات الديزل يتسبب في تلوث كبير للهواء ويلحق أضرارا هائلة بالبيئة وكانت له آثار كبيرة على صحة سكان لبنان، متسببا في مقتل الآلاف كل عام بحسب بيانات "غرينبيس". إضافة إلى الآثار الصحية، وجدت غرينبيس أنّ التكلفة السنوية لتلوث الهواء الناجم عن الوقود الأحفوري في لبنان بلغت 1.4 مليار دولار، أو بين 1.3 و4% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في 2018، بسبب فقدان العمل وتكاليف الرعاية الصحيّة ذات الصلة.
رغم إخفاق مؤسسة كهرباء لبنان في ضمان تغذية مستمرة بالكهرباء للسكان، تُظهر أرقام وزارتي المالية والطاقة أنّ مؤسسة كهرباء لبنان لديها عجز يتراوح بين 1.5 و2 مليار دولار سنويا على امتداد السنوات العشر الأخيرة. يُقدّر البنك الدولي أنّ التحويلات السنوية من الميزانية إلى مؤسسة كهرباء لبنان بلغت في المتوسّط 3.8% من الناتج المحلّي الإجمالي للبنان في العقد الأخير، أي ما يقرب من نصف العجز المالي العام. بين 1992 و2018، شكّلت التحويلات إلى مؤسسة كهرباء لبنان أكثر من 40 مليار دولار من الدين العام في البلاد.
سبب افتقار مؤسسة كهرباء لبنان