فقدت العُملة أكثر من 95% من قيمتها قبل الأزمة. أدّى هذا الانخفاض السريع في قيمة الليرة، وكذلك العقبات التي واجهت سلسلة التوريد ونقص الوقود، إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية وصل إلى 483% في يناير/كانون الثاني 2022 مقارنة بالعام السابق، وظلّ مرتفعا في حدود 332% حتى يونيو/حزيران 2022. شهدت أسعار الكهرباء والماء والغاز ارتفاعا حادا بلغت نسبته 595%.
هذه الأزمات المتفاقمة دمّرت سُبل عيش عشرات آلاف الأشخاص الذين مازالوا يعانون من انقطاع الكهرباء وتردّي الأوضاع الاقتصادية. ارتفاع البطالة، وتراجع التحويلات، وعدم كفاية نظام الحماية الاجتماعية، ورفع الدعم عن الواردات الأساسية مثل القمح والفيول، زاد من الصعوبة التي يواجهها الأفراد لتلبية لاحتياجاتهم الأساسية، مما دفع بالملايين نحو الفقر وفاقم العوز والحاجة. تُقدّر "الأمم المتحدة" أنّ أكثر من ثلثي سكان لبنان يعيشون الآن في فقر.
عملت هيومن رايتس ووتش مع شريك محلي، هو "مؤسسة البحوث والاستشارات"، لإجراء مسح أسري لعيّنة تمثيلية شملت 1,209 أسرة لبنانية كانت تعيش في ذات المنزل منذ 2019. استثنت هذه العيّنة مخيمات الفلسطينيين والمخيمات الرسمية وغير الرسمية للاجئين السوريين، التي تحصل على الكهرباء من مولدات خاصة توفرها وكالات الأمم المتحدة، والأشخاص الذين لم يكونوا مقيمين دائمين أو كانوا في منازل ثانوية. المسح، الذي أجري بين نوفمبر/تشرين الثاني 2021 ويناير/كانون الأول 2022، سأل الأسر عن مستويات حصولها على الكهرباء، ودفع فواتير الكهرباء، واستعدادها للدفع، والسياسات التي يفضلونها، والوضع الاقتصادي، وآثار نقص الكهرباء عليها. أجرينا أيضا بحثا نوعيا شمل مقابلات مع متخصصين في الطاقة، ومراجعة للكتابات ذات الصلة والمقالات الإعلامية حول إخفاقات قطاع الكهرباء في لبنان وأثرها على الصحة والبيئة.
أظهرت نتائجنا بوضوح مدى مساهمة أزمة الكهرباء في تعميق عدم المساواة، ودفع الناس نحو الفقر، وعرقلة حصولهم على الحقوق الأساسية مثل الغذاء والماء والصحة، والتسبب في تلوث الهواء على نطاق واسع، مما يؤثر على البيئة وصحة السكان.